recent
أحدث المقالات

كيف تكتب نهاية مؤثرة لروايتك؟

  مشهد النهاية في الروايات يشبه اللحظة التي يتحرك فيها القطار مغادرًا المحطة، فتعلو همهمات المودعين، وتسيح دموع العشاق، وتطل رؤوس المسافرين من النوافذ لإلقاء النظرة الأخيرة على الوجوه والأماكن التي سيغيبها الظلام.

إذا نجح المؤلف في كتابة خاتمة مؤثرة لقصته، فإن ذلك يضمن له أن يتحدث القراء عن روايته طويلًا. ولست أبالغ حينما أقول أن التسويق لروايتك الجديدة، يبدأ من خاتمة روايتك الحالية.

عندما تصنع نهاية قوية لأحداث قصتك، توقع مع القارئ اتفاقًا ضمنيًا بالولاء لما تكتب، وتخلق رابطة روحية بينك وبينه.

النهاية المؤثرة للرواية ليست النهاية الحزينة وليست النهاية السعيدة، كما أنها ليست النهاية الغامضة، أو النهاية الفلسفية. النهاية المؤثرة للرواية هي النهاية الصادقة التي لا يشعر فيها القارئ أنه قد خدع.

يمكنك أن تختار أي نهاية ترغبها لروايتك شريطة أن يدرك القارئ أن الخيوط تجمعت دون تعسف، ودون تلاعب منك كمؤلف.

كيف تكتب نهاية مؤثرة لروايتك؟


مواصفات نهايات الروايات المؤثرة

هذه المواصفات ليست قواعد صارمة لا يسمح بتحطيمها ولكنّها أقرب ما تكون إلى دليل استرشادي يساعد الكتّاب على اختيار خواتيم قصصهم.

نهاية الرواية .. نهاية للصراع

يفترض أنّ لكل رواية صراع يحرك أحداثها إلى الأمام، ويطور شخصياتها ويستكمل بناءها. وما من رواية ناجحة إلا وتضمنت صراعات داخلية وخارجية يمكن وصفها بالقوية.

الصراع داخل الرواية يدفع القارئ للانتقال من جملة إلى أخرى، ومن صفحة إلى أخرى كي يصل إلى النهاية .. نهاية الصراع.

ومن هنا فنهاية الرواية المؤثرة تأتي كنتيجة طبيعية للصراع الدائر من أول الرواية، فإذا جاءت النهاية معاكسة لهذا الصراع، تصبح حينئذٍ نهاية مفتعلة، وإذا جاءت في منتصف الصراع، تصبح حينئذٍ نهاية مبتورة.

إذا تخيلنا أن روايتك تقوم على فكرة طفل ينمو وفي عقله رغبة الانتقام من قاتل أبيه، وغذيت فينا كقراء هذه الرغبة في كل صفحات الرواية ثم قررت في النهاية – ودون سبب مقنع – أن تصرف الطفل الذي أصبح رجلًا عن هذه الرغبة ليصبح إنسانًا مسالمًا فجأة فقد كتبت للتو نهاية مفتعلة.

وإذا أنهيت القصة في المنتصف قبل أن يصل الطفل إلى مرحلة الرجولة ليتخذ القرار فقد كتبت نهاية مبتورة.

البطل في بؤرة النهاية

تعتمد الروايات على شخصيات رئيسة تقوم بــــ ’’الفعل‘‘، هذه الشخصيات هي التي تخوض الصراع وتواجه العقبات فتنتصر وتهزم، وتقوى وتضعف.

والنهايات المؤثرة في نفسية القراء هي تلك التي ’’يفعل‘‘ فيها البطل ما يتوجب عليه فعله بشجاعة حتى وإن خسر في النهاية.

أمّا النهايات الضعيفة المبتذلة فهي التي تقوم على تدخل الصدف أو الأفعال القدرية لتنقذ البطل من ورطته، وتقدم له الحلّ على طبق من فضة.

إذا تخيلنا أن روايتك ستقوم على فكرة رجل تُختطف أسرته كي يفشي أسرارًا عسكرية تهدد أمن بلاده. فإن السؤال الدرامي للرواية هل يفشي الرجل الأسرار ويحتفظ بأسرته؟ أم يصون أمن بلاده ويفقد عائلته؟

النهاية المؤثرة لمثل هكذا فكرة تبدأ من لحظة الاختيار وتنتهي بتحمل الرجل لتبعات قراره، أما النهاية الضعيفة فتحدث لنا ’’مفاجأة‘‘ أو تنتظر ’’تدخل القدر‘‘ أو تعتمد على ’’مصادفة‘‘ لإنقاذ البطل من محنة الاختيار.

النهاية منذ البداية

لا تستمع لمن يخبرك أن تترك الحرية لعقلك ليكتب دون معرفة النهاية!. النهاية يجب أن تكون مصدر إلهامك الحقيقي طوال مراحل الكتابة.

عندما تضع نهاية الرواية نصب عينيك من البداية سوف تنجح في غزل إرهاصاتها في جميع أدواتك السردية.

من حقك ككاتب أن تعمّي على القارئ النهاية حتى الصفحات الأخيرة لكنه من الدجل أن تجهل أنت نهاية قصة بدأتها.

يخطئ بعض المؤلفين عندما يظنون أن النهاية أو الحبكة الملتوية تعني مفاجأة القارئ بأمور جديدة تمامًا في نهاية الرواية.

والحقيقة أن الحبكة الملتوية أو النهاية الملتوية تقوم على مبدأ تضليل القارئ وليس مفاجأته، فالكاتب يبث جميع الإشارات والتلميحات التي تقود إلى نهاية روايته لكن بأساليب فنية لا يكتشفها القارئ إلا بعد قراءة الصفحة الأخيرة في الرواية.

هذا ما يجعل القارئ يضرب رأسه بيده في نهاية الرواية صارخًا ’’لقد كانت أمامي طوال الوقت، كيف لم أكتشفها؟‘‘

إذا افترضنا أن فكرة روايتك تدور حول سرقة خزينة الأب في بيته الذي يسكنه مع أطفاله وخدمه، وبذلت جهدك ككاتب في إثارة الشبهات حول الجميع، فالنهاية القوية للرواية أن تكشف لنا اللص من هذه المجموعة وليس أن يظهر سارق لم تذكر عنه كلمة واحدة منذ بداية الرواية.

النهاية هي النهاية

إذا كان ثمة نصيحة ذهبية حول كتابة نهاية مؤثرة لروايتك فهي بالتأكيد ’’النهاية هي النهاية‘‘.

لا تقل شيئًا بعد أن تختم روايتك بنهاية قوية، لا تضف كلمة واحدة، ولا تقدم شخصية جديدة، ولا تعلق على حدث.

النهايات المؤثرة في الأعمال الفنية عامة مثل الأفلام السينمائية والروايات هي التي تحقق الإشباع للمتلقي، وتمنحه الإجابات التي كان يبحث عنها بين أوراق الرواية.

النهاية هي النهاية، هذا يعني بالضرورة أن تغلق جميع الأقواس المفتوحة بما في ذلك بالطبع الحبكة الرئيسية والحبكات الفرعية والأقواس العاطفية للشخصيات.

كيف تكتب نهاية مؤثرة لروايتك؟

  1. لا تقدم شخصيات أو حبكات فرعية جديدة في الصفحات الأخيرة من الرواية
  2. لا تفلسف النهاية، ولا تطرح الأسئلة، ولا تسهب في الوصف فهذه مهمتك داخل النص وليس في خاتمته
  3. توصل إلى نهايات عادلة للصراعات الرئيسية والفرعية داخل نصك، وتجنب الغش أو خداع القارئ
  4. لا تغلق القصة قبل أن تجيب عن الأسئلة التي طرحتها، والشكوك التي بذرتها في عقل القارئ
  5. اقرأ القصة من نهايتها للتأكد أن الأحداث تسير بمنطقية، ولتلافي فجوات الحبكة والسرد
  6. يفضل أن تختم الرواية بنفس الصوت السارد الذي صاحب القارئ في حكي القصة، لم تقحم الغرباء في النهاية؟
  7. لا تفاجئ القارئ بنهايات قدرية أو مفاجآت وليدة الصدفة البحتة كي لا يهجرك للأبد
  8. احرص أن تنهي الرواية بعد إظهار تطور شخصيات روايتك
  9. النهايات المؤثرة ليست النهايات السعيدة ولا تلك الحزينة ولكنها النهايات التي تأتي من رحم الأحداث.
  10. الرواية شجرة فاكهة، والخاتمة ثمرتها، احذر أن تزرع شجرة تفاح فيفاجئ القارئ بثمرة برتقال على أغصانها.

 

 

 

google-playkhamsatmostaqltradent