خطوات كتابة رواية لأول مرة | كيف تكتب رواية للمبتدئين

كتابة رواية ناجحة، أو رواية تصنّف ضمن الأعلى مبيعًا ليس أمرًا عشوائيًا، إنها عملية دقيقة تعتمد على معرفة كيف ومتى تستخدم التوتر داخل السرد الروائي كما يستخدم الطاهي الماهر المواد الحريفة ليمنح طعامه تلك النكهة اللاذعة.

• إذا أردت أن توصف روايتك بأنها نصّ مشوق، فعليك تعلم أدوات صنع التوتر.
• إذا أردت أن تكتب رواية يحرص القارئ على إنهائها في جلسة واحدة، تعلّم أدوات صنع التوتر.
• إذا أردت أن تكتب رواية تصلح لتكون فيلمًا سينمائيًا أو عملًا دراميًا جماهيريًا، فتعلم أدوات صنع التوتر.

من يحتاج إلى صناعة التوتر في السرد الروائي؟

صناعة التوتر في السرد الروائي ليست قاصرة على جنس أدبي بعينه، فليست روايات الرعب أو الجريمة أو الإثارة فقط التي تعتمد في نجاحها على التوتر.

جميع أجناس الرواية يجب أن تهتم بخلق مراكز للتوتر بين صفحاتها، وعلى حسب النوع يكون حجم التوتر.

اقرأ مثلًا رواية ’’الشيخ والبحر‘‘ لإرنست هيمنجواي للتعرف على حرفة صناعة التوتر في قصة بطلها شيخ عجوز وحوت وبحر.

ما المقصود بصناعة التوتر في الرواية؟

يمكن أن يعرّف التوتر في الرواية بالعديد من التعريفات لكن أفضل ما يوصف به، وبإيجاز: أن تجعل القارئ مندهشًا مما حدث، ومشدودًا بما يحدث ومترقبًا لما سيحدث.

 يحدث التوتر في الرواية كما يحدث في الحياة الحقيقية عندما نرى ما يثير فينا الفضول ويفجر لدينا عشرات الأسئلة.

ماذا سوف يحدث لو رأيت هذا المشهد في طريقك إلى العمل؟

فتاة تسير ضاحكة تمسك بإحدى يديها رأس امرأة مقطوع مخلفًة ورائها خيطًا من الدم!

ربما ستشعر بالخوف وترغب في مغادرة المكان على الفور لكن عقلك سيظل يتساءل من هذه الفتاة؟ ومن صاحبة الرأس المقطوع؟ ولماذا قطع؟ وأين؟ وكيف؟ وما مصير الفتاة القاتلة؟

إذا كنت شجاعًا قليلًا – ربما – تقترب لتكتشف هوية الفتاة، حينها ستصدم لأنها ابنة جارك الذي يسكن الشقة المقابلة.

هل زاد توترك؟ هل أصبحت الأسئلة أكثر إلحاحًا في عقلك؟

لعلّك الآن قد توصلت إلى استنتاج مبدئي أن القتيلة حتمًا ستكون زوجة أبيها، التي تعاملها بقسوة منذ صغرها.

لم لا تقترب قليلًا من الرأس المقطوع لتتأكد؟

إنها ليست زوجة الأب! هل خيبت ظنّك؟

هل بدأ عقلك في توليد المزيد من الأسئلة؟ هل ستتابع الفتاة لتعرف أين تذهب بالرأس الذي يشخب دمًا؟ هل ستتصل بوالدها؟ هل ستتصل بالشرطة؟

انتظر قليلًا، فالفتاة توقفت. إنها تمصّ الدماء من الرأس المقطوع  بتلذذ، كما لو أنها تشرب عصير المانجو.

هل تحولت الفتاة إلى مصاصة دماء؟ هل يوجد بالأساس ما يسمّى مصاصي الدماء؟ ومن السيدة المقتولة؟ ولم قتلت؟ وأين؟ وكيف؟ وما مصير الفتاة؟ كيف سيكون حال والدها بعد أن تسجن وهي ابنته الوحيدة؟

هذا يكفي..

فالفتاة ليست قاتلة، إنها تؤدي مشهدًا تمثيليًا لكنّ التوتر منعك من رؤية كاميرات التصوير، وطاقم الممثلين والمخرج والجمهور المحتشد ليشاهد.

التقط أنفاسك ...

كيف يصنع التوتر عند كتابة الرواية؟

يصنع التوتر أثناء كتابة الرواية في ثلاثة مناخات محددة، لكلٍّ منها استخداماته ووظائفه داخل النص الأدبي.

• الغموض
• الترقب
• المفارقة الدرامية

الغموض

يحدث الغموض عندما يعرف القارئ، أقلّ مما تعرفه الشخصية الروائية في مشهد التوتر.

بمعنى أن تتصرف الشخصية الروائية بطريقة تثير القلق لدى القارئ خشية العواقب، في حين أنّ الشخصية تدرك أنها في مأمن تمامًا.

لذلك يندفع القارئ في التهام النصّ، ليعرف الأسباب الخفية لدى الشخصية التي دفعتها للقيام بهذه المخاطرة؟

تطبيق

في رواية ’’الزوجة المفقودة‘‘ للكاتبة الأمريكية ’’غيليان فيل‘‘ تظهر (آمي) في وقت حاسم بعد أن كادت أن توجه تهمة قتلها إلى الزوج.

 تظهر وهي تعلم أن أول شيء سيفعله بعد عودتها هجرها وطلاقها، لكنها كانت تعلم شيئًا لا يعلمه القارئ.

كانت تعلم أنها استخدمت سائل زوجها المنوي للتلقيح. إذن عادت وهي حبلى في ابنه. فهل كان ليطلقها ويترك طفله يتربى على يدي قاتلة؟

الترقب

يحدث الترقب عندما يتساوى ما يعرفه القارئ مع ما تعرفه الشخصية الروائية.

بمعنى أن تتصرف الشخصية وهي لا تعلم عواقب فعلها وكذلك القارئ لا يعلم ماذا سيترتب على هذا الفعل.

ومن هنا ينشأ بين الشخصية والقارئ ما يسمى بالاندماج أو التقمص، أو تورط القارئ في صراع الشخصية.

تطبيق

في نفس الرواية السابقة ’’الزوجة المفقودة‘‘ اضطرت (آمي) إلى اللجوء إلى الصديق القديم (ديزي) المهووس بها تمامًا، ولأننا كقراء نعرف مسبقًا شدة ولعه بها كنا نترقب ماذا سيحدث لها عندما يستضيفها بمفردها في بيته المعزول.

المفارقة الدرامية

تحدث المفارقة الدرامية عندما يعرف القارئ شيئًا لا تعرفه الشخصية الروائية.

بمعنى أن يعرف القارئ معلومة يمكنها أن تنقذ الشخصية من تهديد ما، لكن الشخصية تجهلها مما يدفعها إلى التصرف بطريقة تثير قلق القارئ.

وعليه فالقارئ يكاد يقتحم صفحات الرواية ليحذر الشخصية أو يحول بينها وبين التصرف الخاطئ.

تطبيق

في نفس الرواية السابقة نصبت (آمي) عدة فخاخ لتتوجه اتهامات قتلها إلى الزوج، وحرصت الكاتبة أن تُعلمنا ببعض هذه الفخاخ مسبقًا، كي نتابع الزوج باهتمام ونكتشف هل يسقط في هذه الفخاخ أم ينجو منها؟

مواضع التوتر في كتابة الرواية

عليك أن تفكر أثناء كتابة روايتك في التوتر على أنّه شبكة الأعصاب التي تنتشر في جميع أنحاء الجسد.

ومن ثمّ فإن الجزء من روايتك الذي سيخلو من التوتر سيكون جزءًا مشلولًا لا حياة فيه.

احرص أن تبث التوتر في كل مكونات الرواية:

• الشخصيات
• الصراع
• المكان
• الزمان
• العلاقات بين الشخصيات
• المشهد الروائي
• الحوار
• الإيقاع

الشخصيات

كتابة رواية ناجحة يبدأ من خلق شخصيات جذابة يتفاعل معها القارئ عاطفيًا.

لا يهم أن يحبّها أو يكرهها أو يغار منها أو يتمنى قتلها، المهم أن يرتبط معها بعاطفة قوية إيجابية أو سلبية.

كيف تصنع شخصية تخدم التوتر في الرواية

1. القصة الخلفية المثيرة للتساؤلات
2. الصراع الداخلي والخارجي
3. اختيارات الشخصية الخاطئة التي تورطها في الأزمات
4. نقاط الضعف التي لا تستطيع الشخصية تجاوزها
5. نقطة التحول عند الشخصية

الصراع

يبقى الصراع أحد أسس كتابة الرواية التي تصنع الفارق، وسواء كنت تكتب صراعًا داخليًا عن أفكار ومشاعر الشخصية، أو صراعًا خارجيًا مع قوى ضدها فأنت مطالب بصراع يؤجج التوتر ويغذيه.

كيف تصنع صراعًا يخدم التوتر في الرواية

1. أحداث تهدد الهدف الرئيس للشخصية
2. أحداث تهدد العلاقات العاطفية للشخصية
3. صراع داخلي بين رغبتين متعارضتين
4. أحداث تقترب من نقاط الخوف العميقة لدى الشخصية
5. صراعات في الحبكات الفرعية

المكان

يمكنك الاستعانة بالتدوينة التالية عن توظيف المكان في كتابة الرواية لخلق التوتر.

الزمان

فكر عند التخطيط لكتابة الرواية أن تمنح الزمان بعضًا من الخصوصية التي تساعد على ضخ المزيد من التوتر.

فمثلًا إذا كنت ستكتب قصة حب عاطفية لم لا تجعلها في زمن الثورات أو الحروب أو الأوبئة؟

العلاقات بين الشخصيات

تعد العلاقات الإنسانية مجالًا رحبًا لصناعة توتر مضاف إلى التوتر الأساسي في الكتابة الروائية.

فبينما ينشغل القارئ بالصراع بين الشخصية الرئيسية والقوى المعوقة له سواء بشرية أو مادية يمكنك أن تصنع توترًا في العلاقة العاطفية بينه وبين صديق مخلص، أو حبيبه، أو أسرته أو مجتمعه.

تعقد العلاقات العاطفية داخل الرواية يزيد من أزمة الشخصية، ويدفعنا كقراء إلى التفاعل معها.

المشهد الروائي

 كتابة المشهد الروائي إحدى تقنيات كتابة الرواية التي تكشف احترافية الكاتب.

وفيما يخص صناعة التوتر أثناء تأليف الرواية يجب أن يسأل الكاتب نفسه عند التخطيط للمشهد:

ما هي التهديدات التي تواجه الشخصيات في هذا المشهد؟

ما هي القرارات الخاطئة التي سوف تتخذها الشخصية لدفع الأحداث؟

كيف يمكن أن نصنع توقعًا؟ أو إحباطًا في هذا المشهد؟

الحوار

الحوار داخل الرواية بمثابة نهر تدفق الأفكار والمشاعر، وبقدر مهارة الكاتب في صناعته سيخدم التوتر أو يضره.

الإيقاع

يرتبط الإيقاع ارتباطًا وثيقًا بالتوتر، فالتوتر رفيق الإيقاع الرشيق، الوثاب، الذي يجعل القارئ يمرر عين على مقدمة الفقرة وعين على نهايتها كي لا يتأخر لحظة عن متابعة الحدث.

كيف تصنع إيقاعًا يخدم التوتر في الرواية؟

1. استخدم الكلمات والجمل والفقرات القصيرة لخلق إيقاع سريع والعكس بالعكس
2. استخدم الإيقاع السريع مع الأحداث الهامة وذرى التحولات وتصاعد الأحداث
3. استخدم الإيقاع البطيء لالتقاط الأنفاس وتهيئة القارئ لتوتر جديد
4.  استخدم الوصف لا السرد عندما ترغب في زيادة معاناة القارئ قبل الإفصاح عن شيء ينتظره
5. أعد كتابة المشهد بإيقاع مختلف إذا شعرت أنه لا يخدم التوتر

أدوات صناعة التوتر السردي لكتابة رواية مشوقة

مثَّل لي السيرك دائمًا المكان الأكثر إثارة للدهشة والتوتر في العالم، ليس فقط بسبب ما يعرضه من فقرات ملفته ولكن أيضًا لخصوصية حياة العاملين فيه، لا سيما فرق السيرك الجائلة.

ومن هنا فقد استلهمت من عروض السيرك المختلفة ما يمكن أن تطبقه كتقنيات لصناعة التوتر أثناء كتابة الرواية.

السير فوق الحبل

لماذا فقرة السير فوق الحبل المعلق في فضاء خيمة السيرك إحدى الفقرات المفضلة للجميع؟ لماذا تحرص كلّ فرق السيرك العالمية على تقديمها؟

السبب ببساطة، أنها إحدى أكثر الفقرات إثارة لتوتر الجمهور، إننا نحبس أنفاسنا خشية أن يختلّ توازن اللاعب من هذا الارتفاع الشاهق فتتحطم عظامه، أو ينقطع الحبل فيهوي قتيلًا؟

كيف يزيد اللاعب التوتر لدى الجمهور؟

إنّه ببساطة يزيد من المخاطر التي قد تتسبب في إفشال مهمته.

 ألا تراه يبدأ مستخدمًا عصا الاتزان ثم يقذف بها ناشرًا ذراعيه كطائر ولد للتو؟ ثم يعصب عينيه ويسير متأرجحًا موشكًا على السقوط؟

كيف استخدم تقنية السير على الحبل في كتابة الرواية؟

كلمة السرّ في استخدام هذه التقنية وزيادة التوتر في الرواية (زيادة المخاطر).

كلمّا زادت المخاطر التي تواجه الشخصية وتهدد تحقيق أهدافها الرئيسية، زاد التوتر إلى أعلى مستوياته.

سيكون عليك إمّا تعظيم قيمة النجاح، وإمّا تهويل قيمة الخسارة، وأُفضل أن تجمع بينهما معًا

Ian Irvian – كاتب استرالي

تطبيق

أعد قراءة رواية ’’الشيخ والبحر‘‘ للكاتب الأمريكي إرنست هيمنجواي التي تعدّ أحد النماذج المثالية في كتابة رواية قصيرة أو نوفيلا.

يبدأ هيمنجواي المخاطر بالشك في قدرة بطل روايته في اصطياد سمكة كبيرة يستعيد بها سمعته.

ثم عندما ينجح في ذلك تظهر مخاطرة جديدة أو تهديد جديد لمهمته وهو هل سينجح في الوصول بالسمكة الضخمة إلى البرّ بسلام؟

وفي النهاية يرتفع سقف المخاطر إلى الذروة عندما تهاجم أسماك القرش مركب الصيد بسبب الدماء التي سالت في الماء.

كن لاعب السيرك الذي يسير فوق الحبل وقدّم لجمهورك في كلّ مرة مخاطرة جديدة تهدد الشخصية أو من تحب أو ما تسعى إليه.

اللعب بالكرات الثلاث أو الخمس أو السبع

لا شك أنك تتذكر جيدًا كيف يقذف لاعب الكرة في السيرك بثلاث كرات مرة واحدة، فتلف في الهواء في دائرة وهمية ثم تعاود الاستقرار بين يديه.

كيف يزيد اللاعب التوتر لدى الجمهور؟

رغم بساطة اللعبة فإن اللاعب ينجح في استثارة التوتر بزيادة الكرات تدريجيًا، ليضمن أن تبقى أعيننا معلقة على يديه.

كيف استخدم تقنية اللعب بالكرات في كتابة الرواية؟

الكلمة المفتاحية في تقنية اللعب بالكرات كإحدى تقنيات كتابة الرواية وصناعة التوتر (المزيد من التوتر الفرعي).

بث التوتر في كل مكان في الرواية، في العلاقات بين الشخصيات، في وصف الأماكن، في الحبكات الفرعية، في زمن الرواية، في القصص الخلفية.

تطبيق

في رواية ’’عداء الطائرة الورقية‘‘ لخالد حسيني توجد العديد من مصادر التوتر منها ما يخص العلاقات بين الشخصيات مثل (أمير×والده)، (أمير×حسّان)، (أمير×آصف)، (أمير×سوهراب).

بالإضافة إلى ذلك توتر المكان والزمان (أفغانستان في زمن حرب طالبان وأمريكا).

خدعة اللاعب في حوض الماء

رغم أن الخدعة لا تؤدى في أغلب عروض السيرك، فإنها إحدى أكثر ألعاب الخفة إثارة للتوتر.

وذلك عندما يحبس اللاعب نفسه في حوض ماء مغلق بالسلاسل والأقفال متحديًا الجمهور في الخروج قبل الوقت المحدد.

مصدر الإثارة في هذا العرض أن ’’البطل‘‘ يلعب ضد الزمن، والزمن لا يحابي أحدًا، ولن يتوقف لينقذ حياة أحد.

كيف يزيد اللاعب التوتر لدى الجمهور؟

يزيد اللاعب من كمية التوتر في عرضه بتأخير فك السلاسل والأقفال إلى اللحظة الأخيرة، اللحظة التي يشك فيها الجمهور في قدرته على تنفيذ المهمة بنجاح.

كيف استخدم تقنية اللاعب في حوض الماء في كتابة الرواية؟

اجعل شخصيتك تصارع الزمن، اجعلها في سباق مع الوقت لتنفيذ مهمتها، أو تحقيق هدفها.

استخدم دائمًا ’’العدّ التنازلي‘‘ للوقت المحدد لإتمام المهمة، وزد في التوتر بإظهار حجم الخسارة المحتملة من الفشل.

وسواء كان صراعك شخصياتك ضد الزمن الفعلي (ساعة محددة)، أو مدة اعتبارية فسينجح في منح روايتك التوتر المطلوب.

تطبيق

تعدّ هذه التقنية من أقدم تقنيات كتابة الرواية وصناعة التوتر، استخدمت في قصة ’’سندريلا‘‘ عندما كان عليها أن تذهب للحفل وتعود قبل أن تدّق الساعة الثانية عشر ليلًا.

واستخدمت في العديد من القصص التي تتعلق بنجاح بطل الرواية في انقاذ الأبرياء قبل انفجار القنبلة، أو قبل سقوط الطائرة، أو قبل أن يرتكب المجرم جريمته التالية.

كما استخدمت بشكل اعتباري في رواية ’’الزوجة المفقودة‘‘ عندما كان على الزوج أن يكشف مكان زوجته قبل أن توجه له تهمة قتلها بشكل رسمي.

أخرج الأسد من القفص

من منّا لا يمدّ رقبته ليتخطى رؤوس الجالسين أمامه عندما يخرج الأسد من القفص في عرض السيرك؟

إننا نذهب – في الحقيقة – لنشاهد هذه اللقطة، وليس لرؤية الأسد يقفز في حلقة النار أو يجلس على قدميه الخلفيتين.

بمجرد خروج الأسد تنتبه حواسنا تقديرًا لهذا الحدث الجليل الذي خرج فيه ملك الحيوانات من قفصه ذي القضبان الضيقة.

كيف يزيد مروض الأسود من التوتر لدى الجمهور؟

يزيد مروض الأسود من توتر العرض بأن يضع رأسه بين فكي الأسد، أو يضرب السوط في الهواء، أو يجلس بين يديه مظهرًا شجاعته.

لكن كلّ ما يقوم به المروض ليس سوى استثمار للحظة خروج الحيوان المفترس من قفصه ليقابل فرائسه وجهًا لوجه.

كيف استخدم تقنية أخرج الأسد من القفص في كتابة الرواية؟

يمكنك استخدام نفس التقنية إذا نجحت في بدء الرواية بحدث ملفت، ’’حدث مفجر‘‘، يفجر مجموعة من الحوادث والتعقيدات تبقي القارئ مشدودًا.

الحدث المفجر في بداية الرواية مثل مركز الزلزال النشط، إن هدأ فإنه يتركك خلفه توابع وهزات لا تتوقف.

تطبيق

في رواية ’’العمى‘‘ يصدمنا البرتغالي ’’جوزيه سارماغو‘‘ بتفشي وباء العمى الأبيض فجأة، فيصبح الناس عميانًا دون مقدمات، ودون علاج.

إنّه الوباء الذي يصيب أول ما يصيب طبيب العيون ومرضاه، ثم يمتد إلى الجميع دون رحمة حتى التماثيل في الكنائس.

اقطع الفتاة بالمنشار

لا أظنك تختلف معي أن فقرة قطع الفتاة في صندوق خشبي بالمنشار، وفصل جسدها ثم إعادتها حية كما كانت من أكثر الفقرات إثارة للتوتر في عروض السيرك.

يستخدم المؤدي في هذه الفقرة تقنية ’’الإيهام‘‘ إنه يقنعنا بنشر جسد الفتاة الجميلة إلى نصفين، ويجعلنا نرى كل نصف في ناحية، فلماذا لا نتوتر؟

كيف يزيد المؤدي من التوتر لدى الجمهور؟

يعمد مؤدي الفقرة أو الساحر إلى زيادة توتر الجمهور ببعض التقنيات الإضافية مثل قطع ساقي الفتاة أو رأسها لتصبح ثلاث أو أربع أجزاء تدبّ فيها الحياة.

كيف استخدم تقنية اقطع الفتاة بالمنشار في كتابة الرواية؟

يمكنك أن تمارس نفس الحيلة على القارئ إذا أنهيت مشاهد روايتك بحدث مضلل، يجعله يتساءل عن مصير الشخصية أو الأحداث القادمة.

هذه التقنية تدفع القارئ إلى تقليب الصفحات في عجل، وهو يدعو في سرّه – وربما جهرًا – ألا تكون ككاتب قد غدرت به وتسببت في الأذى لشخصيته المحبوبة.

احرص على إنهاء بعض المشاهد والفصول بأحداث صغيرة لكن مثيرة للفضول، أو التوقع، أو التمني.

من استخدامات الإيهام المكررة في كتابة الرواية أن ينتهي المشهد وخصم الشخصية يضع البندقية في رأسه، ثم يُسمعك المؤلف صوت إطلاق النار لينتهي المشهد دون أن نعرف هل قتلت شخصيتنا المحبوبة أم اصيبت فقط؟

وعندما نقلب الصفحة متعجلين معرفة مصيرها، نفاجئ أن الخصم أُردي برصاصة في ظهره بواسطة صديق البطل.

تطبيق

في روايتي ’’رماد الصبار‘‘ أنهيت أحد المشاهد بهذه الفقرة بعد أن اظهرت موقف الأم المتصلب من عدم الكشف عن مكان اختباء ابنها، وحرصها على عدم إفشاء سره ولو على حساب حياتها.

هذه المرة الأخيرة التي سأطرح فيها السؤال، في المرة القادمة ستكون ابنة اختك قد فقدت شيئًا لن يمكنها استرجاعه، سأجعلهم يأخذونها عارية من هنا حتى بيت والدها، ليخبروه أنها فقدت عذريتها في شقة كمال التهامي.
 أين أحمد؟

هذه بعض المفاهيم والتقنيات عن صناعة التوتر في السرد الروائي، أرجو أن تكون وصفة جيدة لكتابة رواية جيدة.

يسعدني الإجابة على استفساراتكم إذا وضعتموها في التعليقات بالأسفل.