recent
أحدث المقالات

أسئلة وإجابات عن كتابة الرواية (ج-1)

 تحتل كتابة الرواية اهتمامًا متزايدًا من الشبان والفتيات في عالمنا العربي في الآونة الأخيرة. وبسبب غياب المرجعيات العربية عن عمليتي الكتابة الروائية، والنشر  خصصت حسابي على موقع كورا بالعربي للإجابة عن الأسئلة المتعلقة بفنيّات تأليف الروايات، وبالاستشارات الخاصة بدور النشر، وطرق تسويق الروايات المنشورة، وغير ذلك مما يتعلق بهذا المجال.

أسئلة وإجابات عن كتابة الرواية (ج-1)


وقد وجدت أنه من المفيد مشاركة هذه الأسئلة وإجابتها في موضوع مستقل على مدونة الروائي، ربما يجد فيها البعض ممن لم يتسنى لهم الاشتراك على منصة كورا أجوبة عن استفسارات تشغل عقولهم.

وقد سمحت لنفسي بتحرير صياغة بعض الأسئلة لتلافي أخطاء لغوية أو أسلوبية تعوق فهم مراميها.

هل يمكنني سرد الرواية على لسان شخصية ليست شخصيتي؟

لم أفهم سؤالك تمامًا، ومع ذلك، فهناك أكثر من طريقة للسرد في الرواية وعرض ما يعرف بوجهة النظر، ومنها:

 السرد بصوت الراوي

وفيها تسرد الأحداث الشخصية الرئيسية في الرواية، وفي هذه الحالة تكون محيطًة فقط بما يمكنها الإحاطة به من حوادث ومشاعر وأفكار، وهذا التيار أكثر شيوعًا حاليًا، ومن أمثلته روايات (شوق الدرويش)، و(صديقتي المذهلة)، و(إيلينا تعرف).

السرد بصوت الشاهد

وفيها تسرد الأحداث شخصية عاصرت الحدث وكانت شاهدة عليه، لكنّها ليست الشخصية الرئيسية، وتتيح هذه الطريقة تدخل الراوي لتوضيح بعض الوقائع، ومن أمثلة هذا النوع رواية (جاتسبي العظيم).

السرد بصوت الراوي العليم

وهنا يقصّ الكاتب بنفسه عن جميع الأحداث والشخصيات، وتتفاوت درجة علمه بكل شيء، لكنه في الغالب يكون شديد المعرفة بكل المشاعر الداخلية والأحداث الخارجية، وهذا هو النمط الذي تسير عليه أغلب الروايات الكلاسيكية مثل روايات نجيب محفوظ، ودستويفسكي، وغيرهم

تعدد الأصوات

وفي مثل هذا النوع من الروايات يحرص المؤلف على وجود أكثر من راوٍ للأحداث لتعرض كلّ شخصية الوقائع من منظورها الخاص. وليس هناك حد أقصى لعدد الرواة في النصّ الواحد، إذ كتب بعضهم روايته بخمسة رواه. من أمثلة هذا الأسلوب رواية (الزوجة المفقودة).

هذا بشكل سريع وعاجل الطرق التي يستخدمها المؤلفون لسرد رواياتهم، وسوف ينفعك أن تكثري من قراءة الروايات قبل الكتابة لتتعرفي على مميزات وعيوب وخصائص كل أسلوب من أساليب عرض وجهات النظر.

هل تستطيع الإجابة بصدق عن سؤالي الصعب: هل لديك ملهمة تلهمك؟

أشكرك على هذا السؤال اللطيف.

أعتقد أن الملهم في أي مجال المشاعر الداخلية، والتجارب الحارقة التي تصهر الكثير من الأفكار والخبرات في الحياة في شكل إبداعي، فتخرج لنا الروايات والمؤلفات الموسيقية واللوحات الفنية والأداء التمثيلي المبهر.

 أمّا ما يروج حول وجود ملهمات لهؤلاء المبدعين فضرب من العبث، لماذا؟، لأن هذه المُلهمة لن تنجح في أن تصنع من غير الموهوب المجتهد أي قيمة حقيقية في دنيا الإبداع، في نفس الوقت الذي يبدع فيه هؤلاء الفنانون في كل الأوقات، سواء في وجود الملهمة المزعومة أو عند هجرها.

ومع ذلك، فيمكن تناول مفهوم الإلهام من زاوية أخرى، بقولنا أن الملهمة هي المرأة التي توفر للمبدع البيئة المناسبة ليخرج أفضل ما عنده، هذا من الناحية الإيجابية. أما من الناحية السلبية، فهي المرأة التي تؤلمه ألمًا عظيمًا، فينتج عنه فن عظيم!

وهكذا، فإن الملهمة بمعنى ’’الموحية‘‘ التي تمد المبدع بأفكار أو خواطر، مفهوم غير جديّ من وجهة نظري الخاصة.

ولأن الشيء بالشيء يذكر شاهدت منذ سنوات بعيدة فيلمًا كوميديًا أمريكيًا بعنوان (The Muse = الملهمة) عن كاتب سيناريو يعجز عن استكمال نصه، فيلجأ سرًا إلى امرأة تمتهن ’’الإلهام‘‘، ثم يكتشف أنها مريضة نفسيًا، تجيد تقمّص الشخصيات، ربما عليك مشاهدته لتضح الفكرة.

هل يوجد تنسيق معين لكتابة الرواية؟

إذا كنت تقصد بتنسيق الرواية (الإخراج الفني) أي الشكل النهائي لصفّ الكلمات، ونمط الخط، وحجمه، والهوامش، والصفحات الفارغة، وطريقة كتابة عناوين الفصول، وما يشبه ذلك من رؤية تخص الطباعة فهذا مسؤولية فريق عمل متخصص في دار النشر.

أمّا إذا كنت تقصد بالتنسيق عدد فصول الرواية، وطريقة تقسيم الفصول، واختيار العناوين من عدمه فهذه أمور تخص المؤلف، وقد تقدم دور النشر بعض النصائح غير الملزمة في أوقات كثيرة من باب التحسين لا أكثر.

وإن كنت تقصد اشتراطات بعض الدور تنسيقات معينة للنصوص المرسلة إليها، فهذه تختلف من دار إلى أخرى، وهي إجراءات اعتبارية تستهدف بها الدار تسهيل عمل لجان القراءة.

مرحبا أنا كاتبة و قد كتبت رواية ليس بالمعنى الحرفي فهي أقصر من أن تكون كذلك هي عبارة عن قصتين أريد أن أنشرها فهل تنصحونني بالمواقع أو المنصات الإلكترونية وأيها أفضل؟

في البداية هناك اختلاف بين القصة والرواية، فنصّك إمّا قصة قصيرة، وإما رواية، إلّا أن يكون هناك ترابط بين القصتين في الأشخاص، أو الأحداث، أو المكان، أو الزمان، أو نحو ذلك مما يجعلهما وحدة واحدة في النهاية.

فإذا كان الأمر كذلك، وهناك بالفعل رابط مقصود بين القصتين، فإنه يصلح نشرهما معًا في شكل نصّ روائي واحد، مقسوم إلى قصتين. أمّا إذا لم يكن هناك هذا الرابط فهما قصتان طويلتان نسبيًا وسوف تجدين صعوبة – في ظنّي – في نشرهما؛ إذ أنّ الأولوية لدى دور النشر للنصوص الروائية، ثم مجموعة القصص القصيرة.

وفي هذه الحالة ربما عليك التريث قليلًا، لتضيفي عليهما قصة ثالثة، ومن ثمّ يمكنك النشر بأريحية أكبر.

بالمناسبة، الرواية نفسها تخضع لتصنيفات أيضًا، فهناك الرواية القصيرة أو ما يعرف في الغرب ’’نوفيلا‘‘، وهي تبدأ في الغالب من 17.000 ألف كلمة، شرط وحدة الموضوع.

فيما يخص طريقة النشر فالمواقع الإليكترونية سوف ترحب بنصّك في الغالب، وإن كنت أفضل أن تخوضي غمار النشر الورقي، وأن تثابري من أجل إقناع ناشر جيد السمعة بتبني صوتك الأدبي.

أريد تأليف كتاب ليس بدافع مادي وإنما أريد أن يبقى اسمي ولو بعد أجيال. اعرف القصة لكن لا اعرف كيف أرتب الوقائع والسيناريو؟ هل من نصائح ؟

تؤلف الكتب لدوافع مختلفة وغريبة أحيانًا، إلّا أن العادة قد جرت أن المؤلف لديه ما يريد أن يشاركه إخوانه من بني آدم، لذلك يصيغ مشاعره أو أفكاره أو رؤيته عن العالم في كتاب.

وهذا ينطبق بالتأكيد على المؤلفات الإبداعية مثل كتب الفلسفة والرواية والشعر والسير الذاتية ونحو ذلك. أمّا في المؤلفات العلمية والأكاديمية فالغرض أكثر وضوحًا، لأن المؤلف يسعى إلى سدّ ثغرة معرفية في مجال تخصصه.

وربما لهذين السببين يقبل الناس على شراء الكتب، وتداولها، والتوصية بها، والنقاش حولها، والاتفاق والاختلاف حول مضمونها.

أمّا من يريد أن يكتب ليخلّد اسمه دون أن يكون خلف هذه الرغبة النرجسية قيمة للقارئ يضيفها إليه الكتاب، فأظنّ أن المردود قد يكون عكسيًا. وأقصد أن يذكر الكاتب بالسوء وليس بالخير، لأنه تطفل على عالم المؤلفين ليس إلّا ليذكر اسمه بينهم.

ومن هنا، فإني أوصي أخي أن تعيد تحرير المنطلق ليكون كتابة مُؤَلف بغرض تقديم أفكارك ورؤاك للناس، ومشاركة العالم مشاعرك وتجاربك، وليس مجرد طبع اسمك على الغلاف. عندما تنجح في هذا التموضع الجديد ستجد أن الأمور تسير بشكل أفضل من حيث إجراءات الكتابة وفنونها. وستعرف من أين تبدأ، وكيف، وإلام تنتهي.

كيف أستطيع أن أصبح كاتبة؟ أنا أملك موهبة الكتابة ودائماً كان حلمي أن أصبح كاتبة قصص ومسلسلات، المشكلة إنني أبلغ من العمر فقط ١٨ عاماً وإنني خارج بلدي يعني حتى إذا كتبت لا أستطيع أن أرى مسلسلاتي على التلفاز ، والدي يقول أن مهنة الكتابة لا تطعم خبزًا..

سأجيب عن سؤالك في جزئيتين:

الأولى: ذكرتِ أن لديك موهبة الكتابة، ولم تذكري كيف تأكدت من تمتعك بهذه الهبة، وهل لك سابق أعمال أدبية أشاد بها قرّاء محترفون، أو متخصصون؟

 

لا أظن. أغلبنا يخلط ما بين الرغبة والحلم من ناحية، وبين الإمكانيات والقدرات من ناحية أخرى. لا يمكن الجزم بأنك موهوبة قبل أن تكتبي، وتُقيَّمي، وتصلحي من أخطائك، وتطوري من أدواتك.

وبحسب عمرك، فأنت في مرحلة التكوين، فإذا كنت مخلصة لحلمك، فعليك ببناء حصيلتك الأدبية، بالقراءة والمتابعة، وحضور ورش العمل، والدراسة الأكاديمية، وحضور الندوات، والأنشطة في ذات المجال.

إذا كان لي من نصيحة لك وأنت في عمري أبنائي، فإني أوصيك ألا تتركي الأمر للفهلوة كما يقول المصريون, ليس أضرّ على الموهبة الأصيلة من إهمال رعايتها بالعلم والتدريب.

وهنا، أنتقل إلى الجزئية الثانية:

وجودك في المهجر يجب أن يكون منحة لا محنة، فالدول الغربية – في مجملها – متقدمة عنّا نحن العرب في مجال الدراما، ولديهم معاهد وفصول مخصصة لتدريس فنون الكتابة للراديو والتلفاز والسينما والمسرح. وهذه هي فرصتك، والتحدي الأكبر في حياتك، إذ عليك إتقان لغتهم، وإقناع أهلك بالاستثمار فيك، بدفع رسوم هذه الدراسة من أجل مستقبلك.

الكتابة الدرامية في بلادنا العربية مقيّدة للغاية نتيجة الحكم البوليسي والأعراف المجتمعية، ونتيجة احتكار شركات بعينها للإنتاج فهناك قائمة محدودة من المؤلفين يُسمح لها بالعمل.

لذا، جربّي أن تؤلفي بلغة البلد التي أنت فيها حاليًا، فإن لم يتيّسر لك، فقدمي نصوصك للمنصّات المستقلة التي تضطلع حاليًا بالإنتاج الفني مثل ’’شاهد‘‘.

أخيرًا، تعلمّي، ثم تعلمّي، ثم تعلمي، ولا تتعجلي الشهرة قبل أن تستكملي عدتك.

كيف يمكنني نشر كتاب أو رواية وكيف أوقع عقدًا مع إحدى دور النشر وكم عدد النسخ التي اطبعها أول مرة ؟

هناك أكثر من وسيلة لنشر كتابك أو روايتك أذكر لك ثلاثة منها:

التعاقد مع دار نشر

هذه هي الطريقة الأفضل – من وجهة نظري – لأن توّلي دار نشر محترفة طبع وتصفيف وتسويق الكتاب، يوفر جهدًا كبيرًا على المؤلف، كما يسمح بوصول الرواية إلى أماكن سيعجز الكاتب عن الوصول إليها مثل شبكة المكتبات، ومتاجر الكتب، والمعارض الداخلية والخارجية.

أغلب دور النشر تفتح باب استقبال الأعمال عبر الإعلان عن ذلك على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، والبعض يستقبل الأعمال طوال العام.

عليك مراسلة هذه الدور عن طريق البريد الإليكتروني، أو رسائل فيس بوك للتعرف على خريطة النشر لديهم.

الطباعة حسب الطلب

الطريقة الثانية تسمّى الطباعة حسب الطلب، وفيها يعهد المؤلف بنصّه إلى إحدى شركات الطباعة حسب الطلب، التي تبرم عقدًا لطباعة عدد محدود من النسخ مقابل دفع الكاتب مبلغًا ماليًا مقابل خدمات الطباعة (التدقيق، الغلاف، الصف، إلخ).

بعض هذه المؤسسات تشارك في المعارض الداخلية والخارجية، وفي بعض الأنشطة الثقافية لكن يظل جهدها التسويقي أقل من دور النشر التقليدية.

الكتاب الرقمي

الطريقة الثالثة تلغي فكرة طباعة الكتاب ورقيًا وتكتفي بإعداد نسخة (pdf) من العمل ورفعها على المكتبات الإليكترونية مثل مكتبة نور مثلًا وغيرها.

وهنا يتولى الكاتب مهمة تسويق الكتاب والإعلان عنه وتعريف القراء به، ومن نافلة القول أنّه عمله سيكون متاحًا مجانًا، ومن ثمّ فلا مجال للربح.

إذا نجح العمل وحقق انتشارًا ملحوظًا يمكنه بالطبع عرضه على إحدى دور النشر وطبعه ورقيًا.

أريد كتابة رواية لكن كيف اجهز هيكل الرواية "مثل إعداد الشخصيات ،العصر، الموامرات، العلاقات. هل يمكن تعطيني نصيحة واذا كنت قد كتبت رواية هل يمكن إعطائي نصائح وتجربتك وشكراً؟?

هناك طريقتان رئيسيتان لكتابة الروايات وهما التأليف المرتجل، والتأليف المخطط له. ويتضح من المسمّى أن أصحاب النوع الأول – المرتجل – يفضلون الانطلاق في الكتابة من فكرة رئيسية في عقولهم، إيمانًا بأنّ السجيّة أو الموهبة أو الإلهام – سمّه ما شئت – سوف تتكفل بضبط مقاييس العمل، مثل بناء الشخصيات، والحبكة، والإيقاع، إلخ. وهذه طريقة معتبرة يمارس التأليف بواسطتها عدد غير قليل من الروائيين الناجحين.

أمّا في النوع الثاني، فيفضل الكاتب أن تكون لديه معلومات تفصيلية عن مكونات البناء الروائي، والشخصيات، والزمان، والمكان، والحبكة، والالتواءات، ويكاد يصنع ملفًا شاملًا لكل نقطة.

وحقيقة يصعب شرح كيفية تجهيز كلّ جزئية من جزئيات الرواية في إجابة واحدة، إذ أنّ بعض الجزئيات تحتاج إلى كتب للإلمام بأنواعها، وطرق استخدامها في التأليف.

لذا، أوصي أن تكثف القراءة في الكتب التي تتحدث عن (كيف تكتب الرواية؟)، قبل أن تبدأ التأليف الفعلي، كما يمكنك الاطلاع على بعض المقالات المتخصصة من مدونتي الروائي المتخصصة في فنون الكتابة.

هذا بالطبع بالإضافة إلى تكثيف القراءة في الروايات والشعر والفروع الإبداعية الأخرى، وبخاصة في التصنيف الذي تنوي الكتابة فيه.

 هل ابلكيشن واتباد يصلح لكاتب مبتدئ للنشر عليه أم النشر على الفيسبوك افضل؟!

لا أنصح بالنشر على واتباد أو فيسبوك أو أي منصة اجتماعية أخرى للكاتب المبتدئ صاحب المشروع، الذي يهدف أن يكون كاتبًا محترفًا.

وهذا الرفض يرجع إلى أسباب عدّة منها، أن هذه الوسائط لا تضمن حقوق الملكية الفكرية، ومن ثمّ يمكن نقل أو اقتباس الأفكار والنصوص دون قدرة المؤلف الأصلي على ملاحقة السارق قضائيًا، ومنها أنّ جمهور هذه المنصات ليس جمهورًا خبيرًا، يمكن الاستفادة من نقده أو دعمه.

وأرى أن البدائل الآمنة هي:

  1. النشر على المواقع المتخصصة في نشر القصص القصيرة أو الشعر
  2. تنسيق العمل ونشره إليكترونيًا
  3. الاشتراك في مسابقات دار النشر، لطبع الكتاب ورقيًا
  4. الاشتراك في الصالونات الثقافية في قصور الثقافة أو أندية الأدب وما يماثلها للحصول على تقييمات من وسط متخصص
  5. إنشاء مدونة خاصة ونشر النصوص عليها، ثم ترويجها لاحقًا على منصات التواصل الاجتماعي

أريد أن أكتب قصة شخصية على شكل رواية، ما النصائح المهمة التي يجب أن أعرفها؟

أهلًا بك، ربما تكون إجابتي صادمة قليلًا لكنّي أرجو أن توليها بعض الاهتمام.

كتابة الحياة الشخصية في عملٍ روائي قد يكون منزلقًا خطيرًا، ما لم تكن هناك في حياة الإنسان ’’قصة‘‘ تستحق أن تروى. وعندما أقول ’’قصة‘‘ فإنما أعني حكاية جديرة أن يدفع الناس من أجلها، بكلمات أخرى هناك قيمة سيحصل عليها القارئ مقابل ماله ووقته.

وهنا تظهر المفارقة، فالقيمة يجب أن تكون للقارئ وليس للمؤلف، وأقصد أن هناك أمورًا تمثل للكاتب قيمة كبيرة ولكنّها ليست كذلك للقارئ، فقد يرى الكاتب مثلًا في تضحية والده أو أمّه، أو مأساة عاشتها أسرته، أو تحديات ضخمة تجازوها قيمة تستحق أن تروى في كتاب، إلّا أن هذه الأمور ليس شرطًا أن تمثل للقارئ نفس الأهميّة والقدر!

وما يدفعني إلى كتابة هذا، ما اختبرته من روايات طلب مني تحريرها أدبيًا، فوجدت أنها مجرد تجارب شخصية، لا ترقى أن تكون ذات حسٍ عام ينتبه له القراء، ويتفاعلون معه.

لقد قرأت في كلمات الروايات الشخصية صدق مؤلفيها، ورغبتهم النبيلة في تخليد أو تمجيد أحداث وشخصيات مرت في حياتهم، لكنها في ذات الوقت ليست حكاية سيحب الجمهور أن يقرأها.

ومع ذلك، فإذا كنت تعرف ولست – فقط - (تشعر) أنّ هناك قصة تستحق أن تروى، فليس هناك قواعد خاصة يمكنني أن أوصي بها، وعليك فقط أن تطبق الأطر العامة للكتابة الروائية، وهي مرنة أيما مرونة، وقابلة للتطويع حسب الموضوع والغرض.

وإذا كان لي من نصيحة لشخصكم الكريم، فهي أنّه ليس شرطًا أن تكتب القصة الشخصية في رواية واحدة، وإنما يمكنك أن تقتبس منها أحداثًا وشخصيات في روايات عدّة. وهكذا هي حقيقة الكتابة الإبداعية، فالمؤلف يطرح جزءًا منه، ومن الحياة التي عاشها، ومن الأشخاص الذين قابلهم، ومن العواطف التي شعر بها في كلّ نصّ أدبي.

للمزيد حول بعض قواعد كتابة الرواية، يمكنك الاطلاع على مدونتي الروائي.

 هل يمكن أن أقوم بطباعة رواية غير مكتملة مؤلفة من 20 إلى 30 صفحة على شكل كتاب صغير للنشر؟ من فترة لأخرى أقوم بكتابة رواية ولكنني لا أكملها بسبب معرفتي أن لا أحد سيقرأها وأخاف من نشرها على الإنترنت خوفاً من سرقتها أو سرقة فكرتها ومضمونها، ما هو الحل؟

ما تشعر به يعرفه المؤلفون على أنه نوبات (الشك الذاتي) وهي لحظات يخيّل فيها للكاتب أنّ كتاباته رديئة، وأنّ ما يؤلفه أقلّ من أن ينشر أو يطلّع عليه أحد. والجميع يمر بهذه النوبات في مراحل عدّة قبل وأثناء وبعد التأليف.

وهذه النوبات – رغم أنها طبيعية تمامًا – فإنها غير صحيّة، ومن ثمّ لا يجب أن يستسلم لها المؤلف، ولهذا فأغلب الكتاب يلجؤون إلى ما يسمّى (القارئ التجريبي) أو حتى مجموعة قراء تجريبيين، وهم مجموعة موثوقة من القرّاء المحترفين، أو المحررين الأدبيين الذين يمكنهم الاطلاع على النصّ، وتقديم رؤية محايدة عنه، تحدد للمؤلف درجة جودته.

وسوف تتعجب عندما تعلم أن كبار المؤلفين أكثرهم شهرة عانوا من نوبات الشك الذاتي، فالكاتب الأكثر شهرة، والمتصدر قائمة الأعلى مبيعًا ستيفن كينغ يرمي المسودة الأولى من روايته (كاري) في سلة المهملات مقتنعًا أنها لا ترقى للنشر، فتعثر عليها زوجته – الروائية والشاعرة – وتجد أنها رواية جيدة بل من أفضل ما كتبه، فتعيدها إليه وتطلب منه العمل عليها مجددًا، فتنشر الرواية محققة نجاحًا كبيرًا، وتحوّل إلى فيلم سينمائي أيضًا.

وقد تكرر الأمر مع مؤلفين عظماء مثل غابريل ماركيز، فأنقذت زوجته إحدى رواياته من القمامة، بل وأرسلتها إلى الناشر دون علمه، فطبعت وكان سببًا لشهرته.

بالعودة إلى سؤالك، لا أنصح بطباعة رواية غير مكتملة، وأحذر من نشرها على الإنترنت، وأدعوك أن تكون أكثر شجاعة، وتكمل مشروعك إلى النهاية.

شارفت على إنهاء روايتي لكن أريد أن أكتبها باسم شهرة أو اسم مستعار، ما رأيك؟ وكيف سيكون تفكيرك لو حملت رواية ووجدت أن الكاتب يستعمل اسم شهرة؟

لا شك أن اسم المؤلف لن يقف عقبة أمام تقبّل القارئ للنصّ الجيد، ما لم يكن هذا الاسم مضحكًا أو طفوليًا بطريقة توحي بأنّ الرواية غير ناضجة.

وفي عالمنا العربي شقت بعض الكاتبات مسيرتهن الأدبية باسم مستعار أتذكر من بينهن القاصّة السعودية (وفاء الحربي) التي نشرت بواكير أعمالها تحت اسم (غولبَهار مهشيد).

وكذلك الأمر مطروق بشكل أوسع في الغرب فمؤلفة الروايات الأكثر مبيعًا (هاري بوتر) البريطانية نشرت مؤخرًا سلسلة روايات جريمة باسم مستعار هو (روبرت غالبريث)، وحققت نجاحًا باهرًا. وهناك أيضًا (بيتر بيري) الكاتب السويسري وأستاذ الفلسفة، الذي يكتب تحت الاسم المستعار (باسكال مرسييه)، وهو صاحب الرواية الفلسفية الرائعة ’’قطار الليل إلى لشبونة‘‘، التي تحولت إلى فيلم سينمائي بنفس الاسم.

إذًا يتعلق الموضوع بالأساس باختيار الاسم كي يبدو طبيعيًا، ولا يوحي بسذاجة الكتاب.

 أريد كتابة قصة فانتازيا عميقة في عالم ضخم، لكنني مبتدئ ولا أعرف كل مخلوقات عالم الفنتازيا. هل يمكن إخباري بأصنافها أو على الأقل مكان يمكنني من فهمها جميعًا؟

أحييك على القرار، فكتابة الرواية فعل شجاع يحتاج إلى قرار شجاع. ومع ذلك، وكما يبدو من سؤالك فأنّك ما تزال في بداية الطريق، ولم تستكمل عدّتك بعد.

وهذا يدفعني إلى توصيتك بأمور عدّة منها:

  • ضرورة القراءة المكثفة في التصنيف الروائي الذي تنوي الكتابة فيه
  • ضرورة قراءة بعض النقد الأدبي، وآراء القرّاء حول الروايات الأشهر في هذا التصنيف
  • ضرورة قراءة الكتب التي تعلمك أساسيات كتابات روايات الخيال (فانتازيا)، إذ أنّ لكل صنف روائي قواعده الخاصة
  • ضرورة قراءة الكتب التي تتعلم منها أساسيات الكتابة الروائية بشكل عام

البدء دون بذل الجهد في النقاط السابقة، يصعب عليك المحاولة، وقد يكون عائقًا كبيرًا يحول بينك وبين الاستمرار.

أمّا كتابة رواية ضخمة، كثيرة الصفحات، متشابكة الأحداث، ومتعددة الشخصيات، فمغامرة غير مضمونة للكاتب المبتدئ. ومن تجربتي الشخصية فإن كتابة نوفيلا أو رواية قصيرة يكون ملهمًا ومنجزًا لا سيما وأنّه العمل الأول.

كيف أختار أسماء لفصول روايتي؟

أشكرك على طرح هذا السؤال القيّم، وأرجو أن تكون الإجابة مفيدة للجميع.

بداية أذكر أنّه ليس ضروريًا عنونة كلّ فصلٍ من فصول الرواية، فالأمر يخضع في النهاية إلى هدف الكاتب من العنونة.

وأقصد أنّ تسمية الفصول ليس قاعدة إجبارية عند كتابة الرواية، فالبعض يفضل وضع أرقام للفصول، والبعض يضع رموزًا، والبعض يصل الفصول ببعضها دون عناوين كما فعل جوزيه ساراماغو في روايته الأشهر ’’العمى‘‘.

ربما يكون الدافع الأكبر للمؤلف من عنونة الفصول، هو تسهيل مهمة القارئ، وترتيب الأحداث في وحدات متسقة، يتناول كلٌ منها مجموعة من الأحداث المترابطة، أو لدفع القارئ لاستمرار القراءة بإضافة عنوان جذاب للفصل الجديد.

ومع ذلك، فهناك أغراض أخرى أكثر ’’فنيّة‘‘ لاختيار عناوين فصول الرواية بعد أن أصبح النقد الحديث ينظر إليها كجزءٍ لا ينفصل عن النصّ، ومن ثمّ تعرّف اصطلاحًا بأنها من ’’عتبات النصّ‘‘، أي من المداخل التي تهيئ القاري لفهم النصّ والتفاعل معه.

علي أي حالٍ هذه بعض الطرق التي يستخدمها المؤلفون لتسمية فصول رواياتهم:

الأرقام ذات الدلالة

إذا كانت الفصل يدور حول رقم يمثل مغزى محدد، يؤثر في الشخصيات، أو الأحداث، فيمكن عنونة الرواية به.

فإذا قلنا – مثلًا – أن حدثًا محوريًا سيقع في يوم 13 من شهر أبريل/نيسان في هذا الفصل، فقد يرى الكاتب أن يعنونه هكذا (13-4)، أو (13 أبريل)، أو حتى (13) ويترك لخيال القارئ فرصة للتخمين. وهكذا مع جميع الأرقام ذات الدلالات الخاصة في الفصل.

مقتبسات من الفصل

استخدمت هذه الطريقة في روايتي الثانية «لا شيء يحدث يوم الجمعة»، فوضعت لكل فصل جديد جملة مشوقة من الجمل الواردة في الفصل، وذلك نظرًا لأنها كانت رواية جريمة، أحتاج فيها إلى استثارة القارئ وتحفيزه.

أسئلة وإجابات عن كتابة الرواية (ج-1)


أسماء الرواة

إذا كنت تستخدمين تقنية الأصوات المتعددة، وهناك أكثر من راوٍ في النص، فأجد أنّه من الأولى أن تضعي اسم الراوي عنوانًا للفصل الذي يخصّه منعًا لتشتيت القارئ، كما فعل المؤلف بيتر سوانسون في روايته «فئة تستحق القتل».

المكان والزمان

إذا كانت أحداث الرواية تتنقل بين أماكن مختلفة، ذات ظلال مؤثرة في الأحداث، وبين أزمنة مختلفة، فالأجدر أن توضع بشكل واضح في مقدمة الفصل، كي تساعد القارئ على المتابعة دون إرباك، كما فعل ذلك الروائي أدهم العبودي في روايته «ما لم تروه ريحانة».

 إعدادات الفصل

يعرف الكاتب أن عليه ضبط إعداد المشاهد المكونة للفصل الذي يكتبه، وهذا يعني ضبط الوقت، المكان، الطقس، الموسم، الحقبة التاريخية، إلخ.

ويمكنه الاستفادة من هذه الإعدادات كعناوين للفصول، كأن يسمّي الفصل مثلًا ’’شتاء قارس‘‘، أو ’’كوفيد – 19‘‘، أو ’’الثانية بعد منتصف الليل‘‘.

الحدث الرئيس

يفضّل بعض الكتاب أن يكون عنوان الفصل موجزًا لأهم أحداثه، فيسمّي الفصل مثلًا ’’لقاء‘‘، أو ’’هروب‘‘، أو ’’اعتراف‘‘.

أكاد أزعم أن طرق تسمية الفصول لا نهاية لها، طالما حدد المؤلف الغرض من العنوان، وليس هناك في عملية عنونة الفصول صواب أو خطأ، فالأمر في النهاية اختيار الكاتب.

وإذا فهم الروائي أن العنوان جزء من النصّ – حسب المفهوم النقديّ الحديث – فعليه أن يختار ما يثري تجربة القارئ، ويعظم من جدارة الرواية.

تذكرت بعد نشر الإجابة واحدة من أعجب وألطف طرق تسمية عناوين فصول الرواية، التي قامت بها الروائية المكسيكية لورا إسكيبيل، في روايتها ذائعة الصيت ’’كالماء للشكولاتة‘‘، إذ جعلت عناوين جميع فصولها أصنافًا من الطعام تناسب الجوّ العام للفصل، الذي يبدأ غالبًا بشرح الوصفة كاملة!

 

 

google-playkhamsatmostaqltradent